الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: خزانة الأدب وغاية الأرب (نسخة منقحة)
.الخبر عن دولة بني تتش بن البارسلان ببلاد الشام دمشق وحلب وأعمالهما وكيف تناوبوا فيها القيام بالدعوة العباسية والدعوة العلوية إلى حين انقراض أمرهم. قد تقدم لنا استيلاء السلجوقية على الشام لأول دولتهم وكيف سار أتسزبن ارتق الخوارزمي من أمراء السلطان ملك شاه إلى فلسطين ففتح الرملة وبيت المقدس وأقام فيهما الدعوة العباسية ومحا الدعوة العلوية ثم حاصر دمشق وذلك سنة ثلاث وستين وأربعمائة ثم أقام يردد الحصار على دمشق حتى ملكها سنة ثمان وستين وسار إلى مصر سنة تسع وستين وحاصروها وعاد منها وولى السلطان ملك شاه بعد أبيه البارسلان سنة خمس وستين فأقطع أخاه تتش بلاد الشام وما يفتحه من تلك النواحي سنة سبعين وأربعمائة فسار إلى حلب وحاصروها وكان أمير الجيوش بدر الجمالي قد بعث العساكر لحصار دمشق وبها أتسز فبعث بالصريخ إلى تاج الدولة فسار لنصرته وأجفلت عساكر مصر وخرج أتسز لتلقيه فتعلل عليه ببطئه عن تلقيه وقتله واستولى على دمشق وقد تقدم ذلك كله ثم استولى سليمان بن قطلمش على انطاكية وقتل مسلم بن قريش وسار إلى حلب فملكها وسمع بذلك تتش فسار إليها واقتتلا سنة تسع وسبعين وقتل سليمان بن قطلمش في الحرب وسار السلطان ملك شاه إلى حلب فملكها وولى عليها قسيم الدولة اقسنر جد نور الدين العادل ثم جاء السلطان إلى بغداد سنة أربع وثمانين وسار إليه أخوه تاج الدين تتش من دمشق وقسيم الدولة اقسنقر صاحب حلب وبوزان صاحب الرها وحضروا معه صنيع المولد النبوي ببغداد فلما وعدوه العود إلى بلادهم أمر قسيم الدولة وبوزان بأن يسيرا بعسكرهما مع تاج الدولة تتش لفتح البلاد بساحل الشام وفتح مصر من يد المستنصر العلوي ومحو الدولة العلوية منها فساروا لذلك وملك تتش حمص من يد ابن ملاعب وغزة عنوة وأماسية من يد خادم العلوي بالامان وحاصر طرابلس وبها جلال الدين بن عمار فداخل قسيم الدولة اقسنقر وصانعه بالمال في أن يشفع له عند تتش فلم يشفعه فرحل مغاضبا وأجفلوا إلى جبلة وانتقض أمرهم وهلك السلطان ملك شاه سنة خمس وثمانين ببغداد وقد كان سار إلى بغداد وسار تتش أخوه من دمشق للقائه وبلغه في طريقه خبر وفاته وتنازع ولده محمود وبركيارق الملك فاعتزم على طلب الأمر لنفسه ورجع إلى دمشق فجمع العسكر وقسم العطاء وسار إلى حلب فأعطاه اقسنقر الطاعة لصغر أولاده ملك شاه والتنازع الذي بينهم وحمل صاحب انطاكية وبوزان صاحب الرها وحران على طاعته وساروا جميعا في محرم سنة ست وثمانين فحاصروا الرحبة وملكوها وخطب فيها تتش لنفسه ثم ملك نصيبين عنوة واستباحها وأقطعها لمحمد بن مسلم بن قريش بن بدران وبعث إليه في الخطبة على منابرة فامتنع وبرز للقائه في ثلاثين ألفا وكان تتش في عشرة آلاف والتقوا بالمضيق من نواحي الموصل فانهزم إبراهيم وقتل واستبيحت أحياء العرب وقتل أمراؤهم وأرسل إلى بغداد في طلب الخطبة فلم يسعف إلا بالوعد ثم سار إلى ديار بكر فملكها في ربيع الآخر وسار منه إلى أذربيجان وكان بركيارق بن ملك شاه قد استولى على الري وهمذان وكثير من بلاد الجبل فسار في العساكر لمدافعته فلما تقاربا نزع اقسنقر وبوزان إلى بركيارق وعاد تتش منهزما إلى الشام وجمع العساكر واستوعب في الحشد وسارا إلى اقسنقر في حلب فبرز إليه ومعه بوزان صاحب الرها وكربوقا الذي ملك الموصل فيما بعد ولقيهم تتش على ستة فراسخ من حلب فانهزموا وجيء باقسنقر أسيرا فقتله صبرا ولحق كربوقا وبوزان بحلب فحاصرها تتش وملكها وأخذها أسيرين وبعث إلى حران والرها في الطاعة فامتنعوا فقتل بوزان وملكها وحبس كربوقا بحمص ثم سار إلى الجزيرة فملكها جميعا ثم إلى ديار بكر وخلاط ثم اذربيجان ثم همذان وبعث إلى بغداد في الخطبة وكان بركيارق يومئذ بنصيبين فعبر دجلة إلى اربل ثم منها إلى بلد سرحاب بن بدر وسار الأمير يعقوب بن ارتق من عسكر تتش فكسبه وهزمه ونجا إلى أصبهان فكان من خبره ما تقدم وبعث تتش يوسف ابن ارتق التركماني شحنة إلى بغداد فمنع منها فعاث في نواحيها ثم بلغه مهلك تتش فعاد إلى حلب وهذه الاخبار كلها قد تقدمت في أول دولة السلجوقية وانما ذكرناها هنا توطئة بني تتش بدمشق وحلب والله أعلم..مقتل تتش. ولما انهزم بركيارق أمام عمه تتش لحق بأصبهان وبها محمود وأهل دواته وتشاوروا في قتله ثم أبقوه إلى ابلال محمود من مرضه فقدر هلاك محمود وبايعوا لبركيارق فبادر إلى أصبهان وقدم أميرا آخر بين يديه لاعداد الزاد والعلوفة وسار هو إلى أصبهان وسار هو إلى أصبهان ورجع تتش إلى الري وأرسل إلى الأمراء بأصبهان يدعوهم ويرغبهم فأجابوه باستبراء أمر بركيارق ثم ابل بركيارق من مرضه وسار في العساكر إلى الري فانهزم تتش وانهزم عسكره وثبت هو فقتله بعض أصحاب اقسنقر بثأر صاحبه واستقام الأمر لبركيارق والله تعالى أعلم.
|